دلائل النظام ونظام الدلال


لا شك أن من أهم نقاشات الساعة في مجتمعنا هي الحديث عن الفرق بين أجيال الأمس وأجيال اليوم من الأطفال، حيث أن الجميع لاحظ الفرق الشاسع بينهما سواء في التصرفات أو التفكير وبالتالي النتيجة التي تكاد تكون سلبية تماما والتي تعود بآثار وخيمة على المجتمع نفسه
ولكن هل حاولنا التدقيق ونحن نتساءل ونبحث عن حلول لإعادة المياه لمجاريها الطبيعية؟

أو هل حاولنا التحقق وإعادة النظر في الظروف التي أحاطت الأجيال السابقة حتى كبرت في تلك الحالة من الهدوء والتناغم مع باقي أفراد المجتمع؟
قد يقول قائل أن الظروف التي كانت تتسم بالبساطة كانت من العوامل المساعدة ثم يضيف إليها البعد الفكري البسيط والضيق الذي عاشه الطفل والذي كان بدوره يتأرجح بين الدراسة واللعب البسيط دون تدخل الإعلام سواء الحر أو المقنن في تربيتهم

ولكن هل فكرنا في أهم عامل والذي يعتبر شرطا أساسيا لخلق مجتمع متناسق مع بعضه وبين مختلف أفراده والذي يتمثل في مجموعة اللوائح والتوجيهات وطريقة تنظيم يوميات ذلك العنصر وإخضاعه لقوانين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة تكون الأخيرة آلية فطرية تابعة لطبيعة الإنسان التي خلق عليها
إنه نمط من الحياة يشبه إلى حد كبير نظام التجنيد والاستعداد وتوزيع المهام وغيرها والتي تطبق على مجموعات التي تضم أعدادا تفوق العشرات
فقد كانت نفس الفكرة تحوم حول العائلات العادية والتي كانت تتميز عن عائلات اليوم بكثرة أفرادها وخاصة من ناحية الأطفال في العائلة الواحدة، فكلما ضمت العائلة ذلك العدد أجبرت آليا على إخضاعهم لذلك النظام أو التنظيم الاجتماعي الذي يرتب الحياة اليومية بشكل طبيعي فطري وسليم فيعرف كل فرد منها واجبه ودوره ومن ثمة يحصل على حقه في الاحترام والوصول بذاته إلى عالم المسؤولية وتحمل الصعاب
ولكن عند الرجوع لعائلات اليوم والتي تضم من فرد إلى ثلاثة أفراد على الأكثر فسيظهر لنا تحررها من مسؤولية التفكير في لق ذلك النظام الداخلي الفطري وبعد تعرض طرفي ذلك المجتمع الصغير –الوالد والوالدة- لشتى أنواع غسيل الدماغ ومختلف الحروب الفكرية والاجتماعية تحت الكثير من المسميات إن كانت اقتصادية أو صحية –التوفير والوقاية- أو فكرية عنوانها العريض -التحضر- وبذلك تم تحرير كل فرد من أفراد تلك العائلة من سلسلة التواصل والتناسق سواء مع بعضهم أو مع أفراد المجتمع الخارجي والذي ينتج آليا أفرادا غير مسؤولين، متخذين من الفوضى مبدأ لهم والتسيب فكرا حرا ينفث به سموم ضد الفطرة  أينما ذهب. وبالتالي يفقد احترامه وأهليته في المسؤولية
ولا شك أن الجزء الأكثر تضررا في ذات ذلك العنصر أو الفرد المتمثل في الطفل الكبير هو الالتزام الديني بكل ما يحمله من قيم ومنطق والذي ما هو إلا صورة مكتوبة للفطرة السلمية، والذي إن فقده أحد عناصر المجتمع اختل توازنه الشخصي باسم "الدّلال الأسري"

آيوبينا


تعليقات

المشاركات الشائعة